قصص حب عظيمة

قصص حب عظيمة
قصص حب

شهدت الدنيا منذ القدم قصص حب عظيمة ومليئة بالمشاعر تركت بصمة بين صفحات التاريخ الذي خلد ذكر أصحاب هذه القصص، إذ لم ينتهِ ذكر هذه القصص بفناء أصحابها، بل دام واستمر حتى أصبحت معروفة إلى وقتنا هذا.

قصص حب عظيمة

وإن من بين أجمل وأعظم قصص حب عرفتها الدنيا قصة حب سيدنا محمد رسول الله وخاتم النبيين والسيدة خديجة بنت خويلد زوجته وأم المؤمنين، إذ امتلأت هذه القصة بالمودة والرحمة والصدق والإخلاص والكثير من المشاعر الجميلة التي جعلتها من بين أجمل قصص حب شهدها التاريخ إن لم تكن أجملهن على الإطلاق.

ومن أهم ما تتصف به أجمل قصص حب على مر التاريخ هي أنها من صنعت سِيَر أصحابها وخلدت ذكراهم، ولكن ما يميز قصة حب سيدنا محمد رسول الله وزوجته السيدة خديجة هي أن عظمة صاحبي هذه القصة وأنهما من خلدا ذكراها وليس العكس.

من هي أم المؤمنين خديجة بنت خويلد

هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية، وقد ولدت في مكة المكرمة قبل 68 سنة من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت من أشرف النساء في مكة حسبًا ونسبًا وأخلاقًا، وكانت امرأة لديها مال وتجارة إذ كانت تستأجر رجالا يديرون لها تجارتها وتبعث بهم إلى الشام.

معرفة السيدة خديجة برسول الله

سمعت السيدة خديجة بأخلاق محمد صلى الله عليه وسلم ولم يكن نبيًا بعد، وكان يصفه قومه بالصادق الأمين فعرضت عليه أن يدير لها تجارتها في الشام وائتمنته على أموالها، نظير أن تعطيه أفضل مما كانت تعطي من سبقوه من التجار الذين كانت تستأجرهم وكان رسول الله محمد يبلغ من العمر وقتها خمسًا وعشرين سنة فيما كانت هي في الأربعين من عمرها.

خرج رسول الله في التجارة كما عرضت عليه السيدة خديجة رضي الله عنها وكان يرافقه غلام لها اسمه ميسرة، وكان يحدثها غلامها دومًا عن أمانة وأخلاق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو ما استحسنته وأعجبت به.

زواج رسول الله من خديجة

كانت السيدة خديجة قد سبق لها الزواج مرتين قبل زواجها من رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وقد مات زوجاها.

وكانت لها رضي الله عنها صديقة تدعى نفيسة أخبرتها عن محمد وعن أخلاقه وأمانته وصدقه فعرضت عليها صديقتها الزواج منه فوافقت، ثم ذهب إلى رسول الله لتعرض عليه الزواج من خديجة فوافق وتزوجا صلى الله عليه وسلم، وأنجب منها القاسم، وعبد الله، وزينب، ورقيّة، وأمّ كلثوم، وفاطمة.

دامت فترة زواج النبي من السيدة خديجة 25 عامًا وكانت زوجة عظيمة قبل وبعد البعثة حيث تكفلت بتربية ابن عم رسول الله، علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه، وزيد بن حارثة رضي الله عنه “حِب النبي”، وكانت رغم كبر سنها تصعد للنبي غار حراء الذي كان يعتكف فيه وتحضر له الطعام والشراب وتوصله إليه صلى الله عليه وسلم.

إسلام خديجة

كان رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم معتكفًا ذات يوم في غار حراء فأنزل الله عليه جبريل بالوحي وقال له اقرأ فقال النبي “ما أنا بقارئ”، فأعادها جبريل فأعاد النبي نفس الرد، وقال له في الثالثة ” اقرأ باسم ربك الذي خلق.. خلق الإنسان من علق.

وقد روى الإمام البخاري في صحيحه وغيره عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنه “عندما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم أول ما أوحي إليه من غار حراء (فدخل على خديجة بنت خويلد- رضي الله عنها- فقال: زملوني زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي فقالت خديجة كلَّا، أَبْشِرْ، فواللهِ لا يُخْزِيكَ اللهُ أبداً، فواللهِ إنَّكَ لَتَصِلُ الرحِمَ، وتصدُقُ الحديثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ على نَوَائِبِ الحقِّ.

وكانت السيدة خديجة أول من أسلم مع نبي الله محمد وخير معين له حيث تحملت معه ما كان يتحمله من مشقة هو والمسلمون في بداية الدعوة.

وفاة السيدة خديجة

توفيت السيدة خديجة رضي الله عنها في السنة العاشرة من الهجرة وقبل هجرة نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم بثلاث سنوات وكانت تبلغ من العمر 65 سنة، وحزن النبي لوفاتها حزنًا شديدًا حيث سمي العام الذي توفيت فيه بـ”عام الحزن”.

حب النبي لخديجة

دامت فترة زواج رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم من أم المؤمنين خديجة بنت خويلد 25 عامًا منها 15 قبل البعثة و10 أعوام خلالها، وأحبها حبًا شديدًا استمر حتى بعد موتها ولم يتزوج أبدًا في حياتها.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الذكر لها بعد وفاتها ففي يوم فتح مكة بعد وفاة السيدة خديجة بـ 14 عامًا رأى النبي امرأة عجوز مقبلة نحوه فاسرع هو أيضًا نحوها وأجلسها على عباءته وظل يتحدث معها لوقت طويل، وبعد ذلك جاءت السيدة عائشة رضي الله عنها زوجة النبي وسألته من تلك المرأة وفيم كانا يتحدثان، فأخبرها أنه صاحبة السيدة خديجة وأنهما كانا يتحدثان عنها.

قالت عائشة رضي الله عنها: “لا زلت تذكرها و قد أبدلك الله خيرا منها”، فقال لها صلى الله عليه وسلم: “لا و الله ما أبدلني الله خيرا منها آمنت إذ كفر الناس وصدقتني إذ كذبني الناس وواستني بمالها إذ حرمني الناس”.

وفد وردت أحاديث كثيرة عن حب النبي للسيدة خديجة رضي الله عنها، تبين أن قصة حبه لها كانت ولا زالت من أجمل قصص حب عرفتها البشرية ومن تلك الأحاديث:

وعن عائشة رضي الله عنها- قالت: “ما غرت على أحد من نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- ما غرت على خديجة -رضي الله عنها- وما رأيتها، ولكن كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة، ثم يقطعها أعضاء، ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له: كأنه لم يكون في الدنيا امرأة إلا خديجة؟!  فيقول:  إنها كانت وكانت، وكان لي منها ولد”  (رواه البخاري)

وعنها رضي الله عنها قالت: “ما غرت على امرأة للنبي -صلى الله عليه وسلم- ما غرت على خديجة، هلكت قبل أن يتزوجني، لما كنت أسمعه يذكرها، وأمره الله أن يبشرها ببيت من قصب، وإن كان ليذبح الشاة، فيهدي في خلائلها منها ما يسعهن” (رواه البخاري ومسلم)

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: “أتى جبريل النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسول الله هذه خديجة -رضي الله عنها- قد أتت معها إناء فيه إدام، أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه، ولا نصب” (رواه البخاري).

وعن علي -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ، وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ (رواه البخاري ومسلم).